¤نص الاستشارة:
كيف نجعل حلقات مساجدنا أكثر جاذبية وأعمق أثرا، نعاني كثيرا من تسرب الطلاب وعدم انضباطهم...أفيدونا..؟.
* الــــرد:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فإن الحلقات القرآنية تعد نمطا قوي التأثير على الشباب المنتظم فيه، بسبب طبيعة النشاط الذي تمارسه الحلقات، حيث تعكف على كتاب الله تعالى حفظاً ومدارسة، وليس ثمة شك في أن هذا العمل من خير ما بذلت فيه الساعات، وأفنيت فيه الأوقات، وهو لب العلم.
وهذه الحلقات مثلها مثل أي نشاط تربوي آخر يتوقف نجاحها على كفاءة الأستاذ المتولي للحلقة وبذله وتفرغه، وعلى النظام الذي تنتهجه في إستقطاب الطلاب ومتابعتهم وتشجيعهم. وحيث تكثر المنافسات الآن بين عوامل التأثير، وعلى الأخص تأثير الإعلام بوسائله المتعددة خصوصاً القنوات الفضائية والإنترنت، التي أصبحت ذات حضور قوي وواضح في صياغة عقول الشباب وإهتماماتهم ومسالكهم وتصرفاتهم.. وهي مرشحة لدور أضخم في المستقبل بسبب الإنفجار المعلوماتي والتواصل المتفوق، والذي هو أداة في يد القوى المناوشة للإسلام في الغالب، لهذا يتعين علينا السعي المستمر لتحديث وسائلنا وإستدراك عثراتنا وتطوير خطننا لإنتشال الشباب من الهوة السحيقة التي تنتظرهم.
وربما كان هذا الهم هو أولى الهموم بالعناية لدى جهات الإشراف والمناهج والتطوير في الجمعيات المتخصصة، وإذا لم يوجد هذا الجهاز فإنه يتعين إيجاده وتدعيمه، لأن العملية مستمرة ودائمة، ولا تتوقف على نصائح وقتية أو شخصية، وقد يكون من الضروري أن تتوفر في هذا الباب كتب ودراسات متنوعة، وقد رأيت شيئاً من هذا فيما يتعلق بتطوير مهارات التدريس. ولكن إستجابة لطلب السائل أشير إلى بعض النقاط المهمة:
1= تكثير الحوافز التشجيعية المادية والمعنوية للمتفوقين وللحافظين وإخراجها بصورة مؤثرة.
2= تعميق شعور الطالب بالإنتماء للحلقة، من الخير أن يحس بأنه جزء من هذا النشاط وأنه غير مفروض عليه، إن هذا يتوقف على تنمية مهاراته وتوظيف طاقاته في أنشطة متنوعة ترتبط بالحلقة، بحيث يكون الطالب مشاركاً فعّالاً، ويمكن إختلاق العديد من الأعمال والبرامج التي تناسب قدرات الطلاب وتراعي مستوياتهم، وتلبي طموحاتهم.
يتطلب الأمر التوفيق الدقيق بين إبراز شخصية الطالب والمحافظة على ذاتيته، وبين تعميق إحساسه بالإنتماء والإنصهار في المجموع، ولا يحسن أن تكون الحلقة قيداً محكماً عليه، بل أن يدفعه شعوره بالإرتباط إلى المداومة والعطاء.
وهناك من الطلاب من يحتاجون إلى مزيد متابعة وضبط وتحضيض.. وعقاب أحياناً، لكن بما لا يترتب عليه آثار ضارة.
3= عمل إستطلاعات للرأي حول جميع القضايا التي تتعلق بالحلقة لأخذ وجهات نظر الدارسين حول الوقت، والجدول والمنهج والرحلة والمسابقة وطريقة التدريس، وتدريبهم على المشاركة والتعرف على شخصياتهم، ودراسة هذه الإستطلاعات وتقويم نتائجها وتحقيق ما يمكن تحقيقه منها.
4= التنويع في البرنامج، ما بين جلسة إلى زيارة إلى رحلة إلى إستضافة إلى ندوة إلى مسابقة، بحيث لا يتطرق السأم إلى نفوسهم، على ألا يتحول البرنامج إلى مجرد تسلية وقضاء، وقت فراغ.
5= العناية الخاصة بذوي المواهب والملكات الخاصة، ومنحهم المزيد من الإهتمام والرعاية، وملاحظة الفروق الفردية بين الطلاب، وإعطاء كل ذي حق حقه.
6= تقسيم الحلقة إلى مستويات -اثنين فأكثر..- مما يمكن معه إعطاء الفرصة لطالبي الحفظ الجادين، وفي الوقت نفسه عدم تسريح أو تسرُّب الطلاب غير الجادين الذين يمكن إحتواؤهم لمجرد الحضور والإرتباط والمشاركة في النشاطات الأخرى.
إن الحلقة محضن وارف في وقت كثرت فيه المغريات والفتن، وإشتراط ألا يشارك فيها إلا الحافظ الجاد سيحرم فئاماً من الشباب والصغار والمراهقين من الإقتباس من هذه المشكاة، والإنتفاع بفضل الصحبة الصالحة..
7= الإهتمام بالتوثيق والتغطية الإعلامية المعتدلة للعمل والنشاط، وهذا له أثر طيب على الدارسين، وله أثر آخر في دعوة تميزهم للإنتظام.
8= عمل دورات تدريبية للمتفوقين في بعض التخصصات المهمة والحديثة كالكمبيوتر مثلاً، فهي تسهم في خوض معترك الحياة بصبر وجدارة، مع الجمع بين الالتزام الشرعي والتفوق والكفاءة العلمية.
والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
المصدر: موقع رسالة الإسلام.